monawa5watiha24.ahlamontada.com

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

نتدى لأهل القران ..منتدى الجسدالواحد والقلب الواحد .


    ثلاثمائة وستون صدقة

    إشراقة
    إشراقة


    المساهمات : 36
    تاريخ التسجيل : 06/06/2009
    الموقع : abritabag.net/vb

    ثلاثمائة وستون صدقة Empty ثلاثمائة وستون صدقة

    مُساهمة  إشراقة الأحد نوفمبر 22, 2009 6:13 am

    ثلاثمائة وستون صدقة(1)
    د. عويض بن حمود العطوي



    الخطبة الأولى:

    أما بعد:
    فهل تصدقت اليوم -أيها المبارك- بثلاثمائة وستين صدقة؟ لا تعجب ولا تندهش ولا تقل إنه رقم كبير لم أفكر فيه يومًا، بل تعال لتعرف سر هذا الرقم، وكيفية تحقيق هذا العمل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في الإنسان ستون وثلاثمائة مفصل، فعليه أن يتصدق عن كل مفصل منها صدقة"، قالوا: فمن الذي يطيق ذلك يا رسول الله؟ ... [رواه أحمد ، وأبو داود وغيرهما، وصححه الألباني].
    معاشر المؤمنين، لقد استعظم الصحابة الكرام ذلك، وقالوا: مَن يطيق ذلك؟ ثم أرشدهم المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى طريق تحقيق ذلك، وهو ما سنعرفه في هذا اللقاء إن شاء الله.



    معاشر المؤمنين، إنه لون من ألوان لفت الأنظار والعقول إلى عِظم نِعم الله على عباده، فقد يلهو الإنسان ويغفل ولا يشكر ربه، وقد يعلم من نعم ربه شيئًا ويجهل آخر، وقد يتذكر بعضًا وينسى بعضًا، فكثير منا يشعر بنعمة البصر، والسمع، واللمس، والشم وغيرها، لكن مَن مِنَّا تنبه إلى هذه المفاصل التي يتحرك بسببها جسد الإنسان، ويقضي بها حاجته؟!
    المفصل -يا عبد الله- هو ملتقى العظمين في البدن، وقد ركب الخالق الحكيم هذه العظام في أحسن تقويم، حتى استقام حال الإنسان، وسهلت حركته، ولكن أكثر الناس لا يشكرون ﴿يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ* الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ* فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ [الانفطار: 6 - 8].
    إنها آيات دالة على عظم خلق الله، وحسن تدبيره، ولكن أين المتأملون الناظرون، قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾ [فصلت: 53].
    يا عبد الله، هل شكرت ربك على هذه النعمة، واستشعرت فضل الله عليك بها؟ إذًا تصدّق بعدد مفاصل جسدك، قال صلى الله عليه وسلم: "خُلق كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل، فمن كبر الله، وحمد الله، وهلل الله، وسبح الله، واستغفر الله، وعزل حجرًا عن طريق الناس، أو شوكة أو عظمًا عن طريق الناس، وأمر بمعروف أو نهى عن منكر عدد تلك الستين والثلاثمائة السلامى؛ فإنه يمسي يومئذ وقد زَحزَح نفسه عن النار" [رواه مسلم].
    وقال عليه الصلاة والسلام: "كل سلامى [أي مفصل] من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل في دابته فيحمله عليها، أو يرفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة" [رواه البخاري ومسلم].
    وأجاب النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة لما سألوه: ومَنْ يطيق ذلك؟ فقال: "النخاعة في المسجد تدفنها، أو الشيء تنحيه عن الطريق، فإن لم تقدر فركعتا الضحى تجزئ عنك" [رواه أحمد وأبو داود وغيرهما، وصححه الألباني].
    فانظر -يا عبد الله- إلى كثرة طرق الخير، انظر إلى تعدد أنواع الصدقات، إن الصدقة في ديننا ليست حكرًا على المال، بل كل هذه الأنواع المتعددة هي من الصدقات التي فرّط فيها كثيرون، فكم من مئات الصدقات قد فاتتهم، وكم من آلاف الحسنات خسروها؟!



    يا عبد الله، إن مخالطتك الناس، والمشيَ في الطرقات، يوجد لك من فرص الخير والفضل ما لا يحصى لو تنبهت لذلك، فلا تكن حياتك جامدة متكررة، بل جدّدها؛ باستحضار نية الخير، والسعي في نفع الغير.
    يا عبد الله، تأمّل هذه الأعمال المذكورة، تجدها يسيرة سهلة، إنها لا تؤخرك عن عملك، ولا تشغلك عن كسب، فبعضها عائد إلى اللسان، ومن ذلك التكبير والتهليل والتسبيح والاستغفار، والكلمة الطيبة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإصلاح بين الناس.
    يالله، كم ضاعت علينا من حسنات بالألوف والمئات، ألْهَانا عنها الشيطان، وحرمتنا منها الغفلة والنسيان، فهلاّ من وقفة تصحيح حتى لا يستمر نزف الخسارة، ويقلَّ ربح التجارة، فإنه من المقرر عند تجار المال، أن مَن لاحت له فرصة ربح، ولم يستثمرها؛ يعدُّ خاسرًا، فكم من خسران مُنينا به، وكم من فرصة فوّتنا خيرها؟
    ومن تلك الأعمال ما يحتاج إلى جهدٍ بدني، يعود نفعه على غيرك، كعزل الأحجار، أو الشوك، أو العظام عن طريق الناس، وكم نمر يوميًا في طريقنا إلى المسجد، ذهابًا وإيابًا على ألوان من هذا الأذى، ومع هذا يزهد أكثرنا في هذه الصدقات الجاهزة، والغنائم الباردة، والهبات الحاضرة.
    ومِن ذلك: إعانة الرجل في دابته، وحمل متاعه إليها، معاشر الكرام، ما أكثر ما نرى مَن يحتاج إلى مساعدتنا، ومع هذا نغمض أعيننا وكأن الأمر لا يعنينا، لأنا ربطنا فعل الخير بالمعرفة، فكم وجدنا من إنسان تعطلت سيارته، وآخر يمشي على قدميه، وغير ذلك كثير، ومع هذا نمر بجانبه وكأنه ليس منّا ولسنا منه، ونضيِّع على أنفسنا صدقاتٍ عظيمة، وأجورًا كبيرة!
    لا يا عبد الله، اجعل هذا الحديث العظيم نصب عينيك، وتذكر أنك مطالب بصدقات كثيرة يوميًا، وكما أنعم الله عليك بهذه المفاصل والعظام التي تسهّل عليك حياتك، فكن في عون الآخرين، وحاول تسهيلَ أمورهم، و قضاءَ حوائجهم.
    عباد الله، لا يعني ما ذُكر من أعمال الخير أنّ الصدقات مقصورة عليها، بل هي نماذج وصور يدخل فيها ما شابهها من أقوال طيبة، وأعمال خيرة.
    المهم أن نستحضر نية الخير يوميًّا مع مطلع كل يوم جديد، فنكونَ جباةً للحسنات، لا السيئات، نبحث عن فعل المعروف ومساعدة الآخرين، وبهذا نكون أعضاء فاعلين نافعين، وبهذا يتوجه الإنسان إلى فعل الخير، ويقل عنده وقوع الشر، فهلاَّ فعلنا ذلك؟



    اللهم وفقنا لفعل الخيرات، وترك المنكرات، برحمتك يا أرحم الراحمين.
    عباد الله، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.



    [left]
    إشراقة
    إشراقة


    المساهمات : 36
    تاريخ التسجيل : 06/06/2009
    الموقع : abritabag.net/vb

    ثلاثمائة وستون صدقة Empty رد: ثلاثمائة وستون صدقة

    مُساهمة  إشراقة الأحد نوفمبر 22, 2009 6:15 am

    الخطبة الثانية:

    أما بعد:
    فلعلك تقول يا عبد الله، مِن اليوم سأحرص على هذا الخير، وأعمل بهذا الفضل، ولكنْ قد يعتريني النسيان، وقد أذهلُ عن بعض هذه الأعمال، فكيف المخرج؟
    جواب ذلك -أيها الفاضل- في صلاة الضحى، التي قال في شأنها صلى الله عليه وسلم: "... ويجزئ من ذلك ركعتان يركعها من الضحى" [رواه مسلم].
    وفي حديث آخر، قال صلى الله عليه وسلم:"فإن لم تقدر؛ فركعتا الضحى تجزئ عنك" [رواه أحمد ، وأبو داود وغيرهما، وصححه الألباني].
    وهذه الصلاة العظيمة التي تأتي في غفلة الناس، وانشغالهم بأعمالهم، لها شأنٌ كبير، وهي لو تأملنا، لا تشغل الإنسان عن عمل ولا تؤخر عن كسب، ووقتها طويل من ارتفاع الشمس قدر رمح، إلى قبيل الزوال، وأفضل وقتها إذا اشتد الحر، أي قبل الظهر بقليل، وأقلها ركعتان، وأكثرها ثمان.
    هذه الصلاة، يتذكر بها الإنسان فعل الخير، يتذكر بها ربه وعظمته، فتكون واعظًا له، إنها تشتمل على التسبيح والتهليل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وبهذا قامت مقام تلك الأعمال الكثيرة.



    يقول الشوكاني في نيل الأوطار عن الحديثين السابقَيْن في صلاة الضحى: "وَالْحَدِيثَانِ يَدُلاَّنِ عَلَى عِظَمِ فَضْلِ الضُّحَى وَكِبَرِ مَوْقِعِهَا وَتَأَكُّدِ مَشْرُوعِيَّتِهَا ، وَأَنَّ رَكْعَتَيْهَا تُجْزِيَانِ عَنْ ثَلاثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ صَدَقَةً ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ حَقِيقٌ بِالْمُوَاظَبَةِ وَالْمُدَاوَمَةِ، وَيَدُلاَّنِ أَيْضًا عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الاسْتِكْثَارِ مِنْ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّهْلِيلِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَدَفْنِ النُّخَامَةِ، وَتَنْحِيَةِ مَا يُؤْذِي الْمَارّ عَنْ الطَّرِيقِ، وَسَائِرِ أَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ، لِيَسْقُطَ بِفِعْلِ ذَلِكَ مَا عَلَى الإِنْسَانِ مِنْ الصَّدَقَاتِ اللاَّزِمَة فِي كُلّ يَوْم".
    فحاول -أيها الفاضل- ألاّ تفرِّط في هذا الفضل، وتَذَكَّر قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب، وهي صلاة الأوّابين" [رواه الطبراني وابن خزيمة، وحسّنه الألباني]، فكن أحد هؤلاء الأوّابين، وتأمل هذا الحديث: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فغنموا وأسرعوا الرجعة، فتحدث الناس بقرب مغزاهم، وكثرة غنيمتهم، وسرعة رجعتهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلكم على أقرب منهم مغزى، وأكثر غنيمة، وأوشك رجعة؟ من توضأ ثم غدا إلى المسجد لسُبْحة الضحى، فهو أقرب منهم مغزى، وأكثر غنيمة، وأوشك رجعة" [رواه أحمد والطبراني بإسناد جيد].
    وأحسن صفاتها أن يصليها أربعًا، قال الله تعالى في الحديث القدسي: "يا ابن آدم، صلِّ لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره" [رواه أحمد، وصححه الألباني]، وقال عليه الصلاة والسلام كما في صحيح الجامع: "من صلى الضحى أربعًا، و قبل الأولى أربعًا؛ بني له بيت في الجنة".
    معاشر المؤمنين، إنها توجيهات عظيمة تعلمنا كيف نشغل فراغنا -إنْ وُجِد- بالنافع المفيد، وتحثنا أن نعوِّد ألسنتنا اللهج بذكر الله، وأنْ نستخدم أجسادنا وقدراتنا فيما ينفعنا وينفع غيرنا.
    فهلاّ استجبتَ لهذا أيها المؤمن؟ وأصبح تفكيرك إيجابيًّا، وأضحى يومك كلُّه خيراً، وشكرتَ ربّك، وتصدّقت في كل يوم ثلاثمائة وستين صدقة؟



    اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، برحمتك يا أرحم الراحمين.
    عباد الله، صلوا وسلموا على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، محمد بن عبد الله، كما أمركم بذلك الله، فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].


      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 2:52 pm